من أكثر الصور التي تضحكني وتبكيني
هل من الواجب على الإنسان إتباع مذهب من المذاهب، سواء كان هذا المذهب فقهيا أو عقديا أو سياسيا أو تربويا؟
وما نوع الأسباب التي جعلت المسلمين أصنافا عديدة ، فهم عقديا بين شيعة موالين لآل البيت عليهم السلام مقدسين لأئمتهم ، وسنة هم المخلصون لسيرة الصحابة و نهجهم بصوابه وخطئه، ولماذا تفرعت المذاهب الفقهية إلى طرق عديدة توفر لبعضها ش روط الدوام و الانتشار وتلاشى بعضها واندثر،وما مدى قيمة انتماء المتبعين لهذه المذاهب لدين السلام الحق؟
تلك أسئلة تشغل بال كل باحت عن الحقيقة؟ بينما لم يشغل الباحث الإسلامي صالح الورداني غير سؤال واحد مند زمن بعيد:أي الفريقين يمثل الإسلام؟ السنة أم الشيعة؟
وبعد دفاع صالح الورداني أكثر من عشرين سنة عن منهج التشيع وهجومه على مذهب السنة والجماعة، اكتشف الباحث الإسلامي حقيقة طالما كانت كذلك عند بسطاء المتعلمين وسذج المتدينين، وهي أن الإسلام واحد وأن التشييع أو التسنن هي أمور طارئة لأسباب تاريخية وظروف واقية .
الورداني ينتقد نفسه عندما كان في دائرة السنة،وينتقد نفسه بعد أن انتقل إلى دائرة الشيعة، ويقول في حوار أجراه مع العربية: أنا الآن خرجت من الدائرتين إلى دائرة جديدة ،أو المرحلة الثالثة، ويلخص ملامح المرحلة الجديدة بالدعوة إلى خطاب جديد يعتمد على العقل ويتراجع عن عقلية الماضي التي تهيمن على الإسلاميين في هذا الزمان سنة وشيعة، وأعلن الورداني عن دعوته لمنهج جديد ينبع من القرآن الكريم، من ذات الإسلام وأصله.
صالح الورداني تجاوز دعوات الحوار والتقريب بين المذاهب، باقتراح ثوري في بابه، التأسيس لجماعة تحمل اسم (الخطاب الجديد) تخلوا من التقسيم المذهبي وتتبنى (الإسلام الواحد).
لست كيف أدري كيف يمكن معرفة الإسلام الحق من غير اطلاع على مذاهب المسلمين في فهمه، ولست أستسيغ فكرة النظر إلى المستقبل من غيراعتبار من الماضي وفهم تطوراته، ولكني من مدة ليست بالقصيرة، اقتنعت بأنه ليس من اللازم أن تكون سنيا بمعنى الانتماء لمذهب السنة والجماعة كما يفهمه السنيون، ولا شيعيا كما يعتقد الشيعة التشيع.
وفهمت أيضا انه لمعرفة الإسلام الصحيح لا بد من الاطلاع على ثرا ت الفريقين وإتباع آثارهم الحسنة عن بينة واقتناع، واجتناب أفكا ر كل من الفرقين و مواقفهم المجانبة الصواب و المتأثرة بالظروف و الأحداث التاريخية .
ما أعلمه أيضا هو اعتبار رأيي وأفكار صالح الورداني شذوذا وانحرافا عن جادة الصواب من طرف الكثيرين من الخاضعين لقيد التقليد و المستسلمين لطوق الواقع، هؤلاء الذين رغم تشبثهم بالتمذهب العقدي و الفقهي على مستوى الخطاب ، فإنهم لا يجدون مانعا عن الاقتباس عن باقي المذاهب على المستوى العملي والتشريعي .
لقد آن الأوان للباحثين عن الحقيقة العظمى التخلص من العقائد و الأفكار التي اختاروها ليس عن إرادة وعلم و إنما فقط لأنهم ولدوا من أبوين كذلك فهم على ملتهم، أو درسوا على يد أستاذ فهم أوفياء لطريقته، آن الأوان لحملة مشعل التنوير والتحرير ولرواد الاجتهاد والتجديد أن يتحرروا من طوق التقليد وقيد الماضي المثقل بالآراء المنغلقة والأفكار المنحبسة،الأمر الذي لن يكون بالثورة على جميع المذاهب والطرق، وإنما بدراسة واعية وقراءة نقدية وانتماء مخلص للحقيقة والصواب لا للإرث التراثي والرأي المذهبي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق