ملئ هذا العالم بالمفارقات، بالتناقضات والمضادات، وهذا سنّة الله في الكون، فالعالم لا يسير على وتيرة واحدة، وإلا لكان النّاس كلهم على قلب رجلٍ واحد، وهم ليسوا كذلك!
هذا الأمر لا يدعو للعَجَب، ولكنني أتعجب فعلاً، عندما أخرج خارج الصندوق الضيّق الذي نعيش فيه أغلب أوقاتنا، ونبيت فيه جلّ أيامنا، وألقي نظرةً على الصورة الكبيرة، فأتعجّب!
منذ أيام قليلة جداً، كان النّاس، من مختلف الأعمار والأجناس والشخصيات والمهن والتخصصات، تتسمّر أمام شاشات الأخبار، وتناقش سياسات الدول، وتدلي بآرائها
البعضُ يتضرّع على سجّادة صلاته لربّ السماوات، بأن ينزّل النّصر عاجلاً غير آجل، والبعضُ لا يضحكُ إلا على نكتِ المصريين، ولا يبكي إلا على دماء الشهداء والشهيدات؛
مررنا بوقت، لم يكن في أذهان الأغلبيّة، غير كلمة واحدة متشعبّة: إنها الثورة!
هربَ بن علي، تنحّى مبارك، ثم طال علينا الأمد، فقست قلوبنا، نسيَ الكثير جداً منا هذه القضايا، وبلغنا مرحلة التّخدير الذي دائما ما نلبث أن ندخلها، مخدّرين منوّمين،
قد اعتدنا الأخبار وحفظناها، تماماً كما حفظنا أخبار احتلال فلسطين من قبل، فـنسيَناها!
ماذا قد يعني هذا؟ إن كنا فعلاً نهتمّ بأرواح المسلمين، فهم ما زالوا يذبّحون، والأعداد في ازدياد، أصبحت الأعداد بالعشرات في كل لحظة!
وإن كنا نهتم بالقضية، ففلسطين ما زالت محتلة، والوطن العربي ما زال يعيش تحت نيران الظلم، وما زال يقصف ويقصف ويقصف!
لماذا كنّا نهتم إذن؟ عوامل الاهتمام ما زالت حاضرة أمام الأعين والأنظار! هل يعني هذا أننا كنا نتابع لأن الموضوع كان “حماسي”؟ هل كان لمجرد المتعة؟
لأن القضية شيء جديد سيكتب في التاريخ؟ ثمّ ما لبث أن انطفأ الحماس، فذهب الاهتمام! هل نحن بهذه السّطحية؟
ثمّ، يأتي عرسٌ مَلَكيّ في بريطانيا، فيسلب أنظار العالم كلّه! لماذا؟ نحن لسنا بريطانيين، وحفل زفاف أمير وأميرة، لن يضرّنا أو ينفعنا بشيء، والحفل ليس حدثا تاريخيا جللا!
ولكن، ما زلنا نتابع بأنظار ملهوفة، وباهتمام بالغ، وما زلت أسأل: لماذا؟
في نفس الوقت الذي كانت فيه الأميرة تزفّ إلى زوج المستقبل، والعرب الملهوفين وراء كلّ شيء وأي شيء، كان العشرات والمئات يقتلون في مشارق الأرض ومغاربها،
كان النّاس يبكون تضرّعا لله أن يفرّج همّهم، ويذيقهم فرحة النّصر؛ وهذا أكبر مقياس لمعايير الاهتمام لدينا!
لا مانع من أن نتابع الحفل، أن نتمتّع بذلك .. ربّما! لكن أن يأخذ كل هذا الاهتمام المُبالغ فيه، في وقتٍ شديد الحساسية، وفي عيدِ المسلمين: الجمعة،
في وقت الذّكر والقرآن، في وقتِ الخلوة مع الله، في وقت الأهل وجمعة الأحباب، فشيءٌ يزيدني عجبا في كلّ لحظة!
نحتاج إلى توازن يعيدنا لأمجادنا، حتى نعرف أننا لا يجب أن نقدّس زفافاً ملكيّا، أكثر من تقدسينا لدماءِ عربيّة ॥!
ثمّ قالوا لنا فلسطين محتلة .. منذ مئات السنين ..
قالوا إنها لم تعد على الخريطة تُدعى سوى بإسرائيل ..
قالوا بأن العالم كلّه تخلّى عن الاقصى وسجد للمحتلّين ..
قالوا بأن صورة الألم لن تُمحى إلا بصلاح الدين يُبعث بمعجزة السّماء بعد آلاف السنين!
تاتي الينا القنوات العربية وتقوم بالتحريض على الدماء العربية !!
ونسينا القضية
ياتينا علماء من يدعون انهم حماة الدين ويحرضون للفتنة
ونسينا القضية
وهنا استوقفني سؤال الى متى يلعب بعقولنا نحن العرب ويستغل البعض طيبة قلوبنا
هل هذه صحوة عربية
تحية الى فلسطين المحتلة
تحية الى البحرين المحتلة
تحية الى جنوب السودان المدنس
تحية الى الدول العربية رافعة الراية اليهودية
تحية الى من نجح بخراب مصر
تحية الى من نجح بخراب تونس
تحية الى من نجح بخراب ليبيا
تحية الى من نجح بخراب اليمن
تحية الى من انسانا العراق
تحية الى من يحاول الخراب في سوريا
تحياتنا لكم فقد نجحتم في مسح عقول الشعوب العربية
تحياتنا لكم لاننا لن ننسى ماقدمتموه من فتنة
تحياتنا لكم لان يوم الحساب قادم
ودماء الشهداء في اعناقكم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق