يتصور الكثير من العالم إن غالبية الشعب السعودي يعيش على ثروة كبيرة من الأموال وعلى أوسع راحة ورفاهية من البذخ بل نظمت أمور حياة أبنائهم المستقبلية في مختلف جوانب الحياة فهم متيقنين أن كل سعودي يمتلك مليون ريال و فيلاه فاخرة وسيارة جميلة منحة الدولة.
وهذا بكل مأساة غير واقعي وما يتصورون ويعتقدون ليس له أساسا من الصحة فالشعب السعودي في تفاقم أما غناً فاحش أو فقرٌ مدقع فالشعب بالصورة العامة لا يمتلك إلا الشئ القليل مما يستحق, وتكوين حياته صعباً جداً ناهيك عن البطانة السيئة المتمكنة في المملكة والإدارة التقليدية التي لا تتماشى مع معطيات العصر واحتياجاته.
حقيقة مرة لا يتقبلها البعض بل أن من يذكرها أو يتطرق لها هو بالضرورة من منكري النعمة. على إن المملكة العربية السعودية تحوي فئات كثير من الضعفاء في (( الفقر)) المادي والمعنوي وأن أكثر سكانها لا يملكون منازل خاصة وتقدر هذه النسبة ب 55 بالمئة
والسؤال المنطقي كيف يكون لدينا فقراء ؟
السعودية دولة نفطية بل أكبر دولة منتجة للذهب الأسود في العالم تتوقف حركة الاقتصاد العالمي على منتجاته الأولية!
وليس من التصور إن منطقة يتصارع العالم من أجل السيطرة على ثرواتها ويوجد بها من الفئات المسحوقة التي لا تجد مأوى أو تسكن في بيوت الصفيح إننا لا نتحدث عن دولة لم تحظى بخيرات وافرة من نعم الله سبحانه وتعالى
أننا بصدد الحديث عن دولة حبيت بالخيرات والنعم التي تغطي حاجة الاقتصاد العالمي لخمسين سنة قادمة وبها أكبر منتجات البتروكيماويات في العالم ولكنها لم تستغل بالطرق الصحيحة العادلة بل أن المملكة على ضوء المعاير لا يمكن أن نصنفها ونعدها ضمن مجتمعات الأغنياء
والسؤال الأخر كيف يكون للسعودية فقراء وهي دولة إسلامية دولة الحرمين الشريفين ومسكن الرسول صلى الله علية واله وسلم أليس المجتمع المسلم هو الذي تتكاتف أعضائه كالجسد الواحد أذا أشتكى منة عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.
أليس الفقر هو مصنع الجريمة والرذيلة والعمل هو سبيل التطور والرقي؟
يقول الرسول صلى الله علية واله وسلم اللهم إني أعود بك من الكفر والفقر!!
كما تقول هيلين كيلر المتوفيه عام 1968م معجزة القرن العشرين تستطيع أغلاق جميع السجون يوم تستطيع إيجاد عمل لكل إنسان.
و يقول أبو ذر رضي الله عنه (عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه) ويقول الإمام علي علية السلام ( لو كان الفقر رجل لقتلته) لشدة عواقبه وما ينتج عنة من أخطار وخيمة .
كل ذلك يعني إن ثمة خلل ما في المعادلة
السؤال ما هو هذا الخلل ؟
ثقة عمياء - بطانة سيئة - أخبار كاذبة - واقع مزيف - عدم متابعة = شعب ضحية ، جذور الخلل. أن وجود فئة فقيرة في مجتمع ما يعتبر من الحالات الطبيعية تستدعي إن يتم معالجتها ولا يتم ذلك إلا من خلال دراسة جذور الخلل التي تقف وراء هذه الظاهرة .. والتي منها :
تفاوت الفرص الوظيفية: بمعنى أن هناك فئة تتاح لها فرص العمل أكثر من غيرها حسب النطاق الجغرافي فالفرص في الرياض وجدة والدمام أكثر منها لذا القرى أو الأرياف والهجر، بالتالي فالفقراء يتواجدون غالبا في الأطراف وليس في المدن وبحكم فقره لا يستطيع التنقل للبحث عن الوظائف وأن وجدت فالراتب لا يغطي مصاريف تنقله والحل مضاعف للمشكلة!
تفاوت المستوى التعليمي: يرتبط الفقر في كثير من الأحيان بتراجع المستوى العلمي، لان المتعلم الحاصل على الشهادة يجد الفرص لتحسين مستواه المادي في المقابل نجد أن غير المتعلم تكون الفرص محدود إمامة.
وجود خلل في التوزيع: فالفقر في المجتمعات يأتي لسوء في توزيع الثروات الطبيعية وفي مثل بلدنا يظهر هذا الخلل من أن تركيز الخدمات الصحية والعلمية والسياحية والصناعية في المدن على حساب الأرياف والقرى يجعل من الطبيعي إن تتركز الثروات والخدمات والمشاريع في المراكز لينتج هذا الخلل فتظهر حالات الفقر.
نتائج الفقر وأثاره!
طالما يتواجد فقراء وأحياء فقيرة وعوائل ذات مستوى خط الفقر وأقل من خط الفقر وهي مجتمع إسلامي غني في الثروات الطبيعية غير قادر على المساواة يعني إن هناك مشكلة موجودة تتجلى في العديد من الظواهر التي تعود لعامل الفقر وشيوع حالات من الطبقية الممقوتة إسلاميا وإنسانيا وفي الآونة الأخير توسع هدا النطاق حتى وصل لترويج المخدرات وشيوع ظاهرة الأسلحة وبيعها وتفاقم الأزمة بين الأغنياء والفقراء بين الطبقات النبيلة وأخرى غير النبيلة يؤدي إلى خلقة بيئة لجملة من التناقضات وهي صورة لغياب (العدالة الاجتماعية) تعود إضرارها على الأمن والحياة العامة (فالفقر) يصاحب الجريمة والرغبة في الانتقام خصوصا من الفئات الأعلى دخلا والأفضل مستوى من الناحية المادية فتظهر حالات السرقة (بدافع الفقر) والاعتداء والتحرش الجنس (الاغتصاب) وطرق الغش والتسول والتزوير وهدا خطر يهدد البقية.
ولأن هناك فئة فقيرة فإن المجال مفتوح للظواهر المخالفة للشريعة الإسلامية فمن أجل مبلغ زهيد من المال قد يبيع المرء نفسه ودينه وشرفة وأخلاقه (خاصة إذا لم يكن ذا مستوى أخلاقي وديني رفيع) مما يعني فساد الأخلاق.
وهذا مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ( يأتي زمانا على أمتي القابض على دينه كالقابض على الجمر). فمشكلة الفقر خراب لكل بلد ينتج عنة تدني الصحة و إطراب الفكر وتدني الأخلاق التي تتراجع كثيرا في أجواء الفقر فبالتالي يأتي بعد الفقر ((المرض)) كذلك ينتج عنه ((الأمية)) نظرا لانشغال رب الأسرة بحل مشكلته المادية التي تكون على حساب الاهتمام العلمي وهنا يصعب على المملكة أبراز طاقات بشرية تساعد وتساهم علميا لمتطلبات هدا العالم واحتياجاته وما اثبت التصنيف العالمي العلمي للجامعات لهو خير وبرهان على هدا الخلل وتفاقمه و تدني التعليم في المملكة العربية السعودية حتى صنفت من أصل (3000) جامعة بترتيب (2998) أي فقط أفضل من الصومال وجيبوتي!!!
و على ضوء ذلك فالفقر يجر معه المرض والجريمة والأمية وبالتالي تكون الأزمة مستفحلة نتائجها وعواقبها وخيمة يستدعي وضع حلول جذرية سريعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق